- سلسلة قل ولا تقل... (1) -
منذ أربعة عشر قرناً من الزمان استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلوب: قل ولا تقل، لتقرير المعاني الصحيحة، ولتنقية أقوال الناس وأفعالهم من أي شائبة تمس صفاء العقيدة ونقاء التوحيد.
والمتتبع لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب سيفاجأ بكثرتها وتنوعها، ولأهمية هذا الأمر، وباهتمام النبي صلى الله عليه وسلم الكبير بحماية حمى التوحيد وسد طرق الشرك.
ولنطالع معاً بعض هذه الأحاديث:
[1] عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان) رواه أبو داود بسند صحيح.
[2] وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أخنع اسم عند الله، رجل قد تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله).
[3] وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر).
[4] قال رسول الله صلى الله عليه: (لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها، وشر ما أمرت به) صححه الترمذي.
[5] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (و.. وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم.
[6] وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له).
[7] وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقل أحدكم أطعم ربك، وضئ ربك، وليقل سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي).
[8] وعن أنس رضي الله عنه: أن أناساً قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال: (يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل) رواه النسائي بسند جيد.
[9] وروى الطبراني بإسناده: (أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله).
[10] وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، نهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال، فاستسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، ربك على الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، سبحان الله، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ويحك! أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد) وذكر الحديث.. رواه أبو داود.
[11] عن قتيلة: (أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون، تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت) رواه النسائي وصححه.
[12] عن أبي واقد الليثي قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا، يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى عليه وسلم: الله أكبر، إنها لسُّنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة"، قال: "إنكم قوم تجهلون" لتركبن سنن من كان قبلكم) رواه الترمذي وصححه.
وهذه النماذج النبوية تحمل لنا أكثر من أمر هام:
الأول: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ترسيخ معاني التوحيد في النفوس ونصحه لأصحابه وأمته.
الثاني: أن تلك المخالفات وقعت من بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يهملها النبي الكريم بل بادر بتصحيحها وبادروا بقبولها، ولم يقولوا إن هذه أمور بسيطة، أو لا داعي لتعقيد الأمور، لكنهم قالوا: سمعنا وأطعنا: وهكذا يجب أن يكون حالنا اليوم.
وتأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحرصاً منا على حماية حمى التوحيد في النفوس سوف نستعرض أمثلة عديدة لأقوال منتشرة اليوم بين أهل الإسلام تحمل بين ثناياها بعض المعاني الخاطئة والتي تمس صفاء العقيدة ونقاء التوحيد، فكونوا معنا مع سلسلة (قل.. ولا تقل).