الاستاذ رجب ابو الدهب
دعوة للإنضمام لأسرتنا
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً ..
و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا ..
لذا نرجوا منك التسجيل
الاستاذ رجب ابو الدهب
دعوة للإنضمام لأسرتنا
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً ..
و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرتنا ..
لذا نرجوا منك التسجيل
الاستاذ رجب ابو الدهب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاستاذ رجب ابو الدهب


 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداث  البوابة*البوابة*  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  تسجيل دخول الاعضاءتسجيل دخول الاعضاء  

 

 آثار الذنوب من موقع المنبر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شربات

شربات


انثى
عدد المساهمات : 116
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 19/11/2010

آثار الذنوب من موقع المنبر Empty
مُساهمةموضوع: آثار الذنوب من موقع المنبر   آثار الذنوب من موقع المنبر Icon_minitime1الخميس فبراير 02, 2012 10:18 am

[size=24]الخطبة الأولى


أما بعد: إن للذنوب آثارًا عظيمة ومخاطر كبيرة في الدنيا والآخرة، والذنوب
تنقسم إلى قسمين: صغائر وكبائر، ولقد سمى نبينا الكبائر بالموبقات
والمهلكات، وهن كل ذنب توعد الله مرتكبه بعذاب أو لعن أو حد في الدنيا،
ولقد ذكر لنا نبينا أصناف العذاب المختلفة التي يلقاها مرتكبو الكبائر،
كشاربي الخمر ومن يزني ويسرق ويتكبر على الخلق ويعرض عن كتاب الله ودينه.




أما الصغائر فقد حذر منها نبينا إذ يقول: ((إياكم ومُحَقّرات الذنوب،
فإنما مثل محقّرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود وذا بعود،
حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقّرات الذنوب متى يُؤخذ بها صاحبها
تهلكه)).



ومن رحمة الله تعالى بنا أنه من اجتنب الكبائر غفر له الصغائر، يقول الله
تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ
عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]. ولكن من يستطيع أن يقول: إنه من أهل
هذه الآية؟! فالكذب كبيرة، وكذلك الغيبة، والإصرار على الصغائر والمداومة
على فعلها كبيرة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.



أما آثار الذنوب الدنيوية فهي آثار عامة وخاصة، فأما الآثار الخاصة فهي
كثيرة جدا، فمنها محق البركة في العمر والرزق، ومن آثار المعصية أنها تجلب
غيرها من المعاصي فتتوالد وتتكاثر، وكم من متهاون بصغيرة من الصغائر لم تزل
به حتى أوقعته في الكبائر. ومنها هوان العاصي على ربه وعلى الناس، كما
يقول تعالى: وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ [الحج:18]،
فليس العاصي بكريم على ربه وإلا لعصمه الله من الوقوع في المعصية. ومنها
ذهاب الغيرة والحياء، وأنها تورث صاحبها الذل والغم والهم، وتوقع الرعب
والخوف والقلق والضيق في القلوب، فلا يهنأ العاصي أبدا، إنما هي سعادة
مؤقتة لحظة المعصية، كتأثير المسكن مع الألم، وسببها الغفلة التي يلقيها
إبليس في قلبه، فإذا ما انقضت وانتهت تلك المعصية رجع ما كان يجده من ضيق
وقلق، ولا يذهب ما به من ضيق وقلق إلا بجرعة تلو الأخرى من تلك المعاصي إلى
أن يلقى ربه على تلك الحال والعياذ بالله، أو يوفقه الله تعالى إلى
التوبة، ومثاله الذين ابتلوا بمشاهدة الأفلام أو سماع الأغاني، فإن أحدهم
لا طاقة له بمفارقة تلك الأجهزة التي تكون حائلا بينه وبين التفكر والتدبر.
وكفى بالذنوب إثما أنها تُنسي صاحبها الله تعالى فلا يذكره، وإن ذُكر عنده
رغب عن ذكره إلى الاشتغال بمعاصيه، فهذا شيء من الآثار الخاصة.



أما الآثار العامة وهي التي يظهر آثارها على المجتمع فمثالها انعدام الأمن
وكثرة الجرائم وانتشار الفواحش والفقر والجهل والأوبئة والأمراض وذل الشعوب
وتسلط الكفار عليهم وظهور ما يسمونه بالكوارث الطبيعية؛ كالزلازل
والفيضانات والأعاصير وغير ذلك من الآثار المدمرة التي هي من كسب الناس
أنفسهم، يقول الله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].



ولقد شبه نبينا هذا المجتمع الذي نعيش فيه بسفينة تقاسمها أصحابها، فأقام
بعضهم أسفلها والبعض الآخر أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من
الماء مروا على مَن فوقَهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من
فوقنا، يقول النبي : ((فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على
أيديهم نجوا ونجوا جميعا)). وما تلك السفينة إلا مجتمعنا نحن عباد الله،
لذلك لو أراد شخص أن يرتكب جريمة أو يجاهر بمعصية وجب علينا منعه ووقفه عن
فعل منكره، وليس لأحد أن يجاهر بمعصيته صغرت أم كبرت ثم يحتج بالحرية
الشخصية؛ لأن شؤم المعصية العلنية يعم المجتمع كله كالخرق في أسفل السفينة،
ونحن ـ عباد الله ـ لمَّا سكتنا ورضينا بالمنكرات تُرتكب جهارا نهارا وصل
مجتمعنا إلى ما هو عليه الآن من تفكك أسري وارتفاع في نسبة الطلاق والعنوسة
وحدوثِ جرائم القتل والسرقة بسبب ضعف الدين في القلوب وبسبب الظلم الذي
يظهر في تعاملات الأفراد والجماعات والمؤسسات وظهور الزنا واللواط والخمور
والمخدرات، سواء في الداخل أو في الخارج. نسأل الله أن يعافينا وإياكم
منها.



أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروه.








الخطبة الثانية



أما بعد: كثيرًا ما نقرأ لبعض كتاب المجلات والصحف تبريرًا لظهور المنكرات،
وأن ذلك أمر طبيعي، محتجين بأنه قد كان في عصر النبي من الصحابة مَن زنى
وسرق وقتل، ونحن لسنا بأفضل منهم، وهذه كلمة حق أُريد بها باطل، لقد كان في
الصحابة مَن زنى كماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه، وهنالك من سرق
كالمخزومية رضي الله عنها، إلا أنها حالات تُعد على أصابع اليد الواحدة،
وفي مدة تقارب العشر سنوات، ثم إن تلك الذنوب لم تكن طبيعية ولا علنية، بل
كانت مخفية وشاذة بين المسلمين، ولم يكن المجتمع الإسلامي يعظم العصاة
ويُجِلُّهُم كما هو الحال الآن مع الفنانين والمرتشين والمرابين وآكلي
الحرام؛ لأن الأصل في المجتمع الإسلامي أن لا تظهر فيه الذنوب ولا يُجاهر
بها، فإن حصلت المجاهرة ولم يقم المسلمون بواجبهم من الإنكار فهذا نذيرٌ
بنهاية المجتمع، فإن سنة الله أن تنزل العقوبة على ذلك المجتمع، ولا عبرة
بوجود الصالحين والعلماء إذا لم ينهوا عن المنكر، يقول تعالى: وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً
[الأنفال:25].




فواجبنا نحن ـ عباد الله ـ أن نقاوم انتشار المنكر بكل ما أوتينا من قوة،
وبحسب ما يسمح لنا به ديننا من غير عنف ولا إضرار، وبالموازنة بين المفاسد
والمصالح، وأول ما يجب عليك البدء به أهلك، فابدأ بنفسك وبمن تعول، ولو
أصلح كل منا نفسه وأهله وجيرانه وأصدقاءه لصلحت الدنيا كلها.



فاتقوا الله عباد الله، وانهوا عن المنكر، ولكم في من حولكم عبرة وعظة، ممن سلط الله عليهم الحروب والزلازل والفواحش والعياذ بالله.



اللهم احفظنا بحفظك، واسترنا بجميل سترك يا أرحم الراحمين...







الخطبة الأولى



أمّا بعد: فاتّقوا الله عبادَ الله، اتقوا اللهَ وراقبوه، وأطيعوا أمرَه
ولا تعصوه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]،
فمن اتَّقى الله وقاه، ومِن كلِّ ما أهمَّه كَفاه.




وبَعد: معاشرَ المسلمين، إنَّ ممّا جاء في مشكاةِ النبوَّة قولَ النبيِّ :
((مَن أصبحَ منكم آمنًا في سِربه معافًى في جَسَده عنده قوتُ يومِه فكأنّما
حِيزَت له الدّنيا)) رواه الترمذي وابن ماجه[1]. فجعلَ النبيُّ أصولَ
حيازة الدنيا ثلاثةَ أشياء: الأمنَ في الأوطان والمعافاة في الأبدان
والرزقَ والكفاف، ففَقدُ الأمن فقدٌ لثُلُث الحياة، والثلثُ كثير.



ولما كان الأمنُ ثلُثَ العَيش امتنَّ الله به على الأسلافِ مِن قُريش:
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ
وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:3، 4].



أيّها المسلمون، الأمنُ والأمان والطمأنينة والاستقرار مطلبٌ ضروريّ من
مطالبِ الإنسان، ففي ظلِّ الأمن يرغَد العيشُ وينتشر العِلم ويتفرَّغُ
الناس لعبادةِ ربهم ومصالح دنياهم وتنبُت شجرةُ الهناء؛ لذا كانت دعوةُ
إبراهيمَ الخليل عليه السلام: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا
وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ
أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي
وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ
مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ
تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ [إبراهيم:35-37].
فانظر كيف قدَّم الأمنَ على طلب الرزق؛ لأنه لا يهنَأ عيشٌ بلا أمان.



وقد امتنّ الله تعالى على عباده بالأمنِ في مواضعَ كثيرةٍ من كتابه، منها
قوله سبحانه: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي
الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ
وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ [الأنفال:26]. قال قتادةُ بن دِعامة السّدوسيّ رحمه الله في
هذه الآية: "كان هذا الحيُّ من العرب أذلَّ الناس ذُلاًّ وأشقاهُ عيشًا
وأجوَعَه بُطونًا وأعراه جُلودًا وأبيَنه ضلالاً، من عاش منهم عاش شقيًّا،
ومن مات منهم رُدِّي في النار، يُؤكَلون ولا يَأكلون، واللهِ لا نعلم
قبيلاً من حاضِر أهل الأرض يومئذٍ كانوا أشرَّ منزلاً منهم، حتى جاءَ الله
بالإسلام، فمكَّن به في البلاد، ووسَّع به في الرزق، وجعلهم به مُلوكًا على
رقاب الناس، وبالإسلام أعطَى الله ما رأيتُم، فاشكروا اللهَ على نعَمه،
فإن ربَّكم منعمٌ يحبُّ الشكر، وأهلُ الشّكر في مزيدٍ من الله" انتهى كلامه
رحمه الله[2].



أيّها المسلمون، ولا زالت هذه النِّعمةُ متواليةً من الله، وما انتُقِصت
إلاّ حين انتقَصَ الناسُ من دينهم، فبدَّلوا وغيَّروا، وما ضاقت الأرزاقُ
ووقعَت القلاقلُ والفِتن واستُضعِفَ المسلمون في أرجاء الأرض إلاَّ حين
خَبطَ الشركُ والمعاصي في بعضِ نواحي بِلاد المسلمين، ولم تكُن جزيرةُ
العرب بمنأًى عن ذلك، ففي عهدٍ قريب كانت مرتعًا للسَّلب والنّهب والقتل
والخوف، حتى مَنَّ الله عليها بدعوةِ التوحيد واتّباع سنّةِ سيِّد المرسلين
، فعادت آمنةً مطئِنّةً، تُجبَى إليها الثمرات من كلِّ مكان، وتفجَّرت
كنوزُ الأرض، وعَمَّ الخيرُ، حتى صارت مهوَى الأفئدةِ دينًا ودُنيا، وما
ذاك والله إلا ببركةِ دعوةِ التوحيد واتِّباع السنةِ وطاعةِ الله ورسوله،
فللّه الحمد كثيرًا، كما يُنعِم كثيرًا.



أيّها المؤمنون، إلاَّ أنه ليس بين الله وبينَ أحدٍ نسبٌ، فبِقدر الإيمان
والتّقوى تكون النِّعَم والخيرات، نَعم الإيمانُ والتقوى بهما تُفتَح
بركاتُ الأرض والسماء، بهما يتحقَّق الأمنُ والرخاء، وصدقَ الله: وَلَوْ
أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96].



الأمنُ مربوطٌ بالإيمان، الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ
بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82].
أمّا إن بدَّل العِبادُ وغيَّروا فإنَّ سُنَن الله لا تحابي، وقد وَضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا
رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ [النحل:112].



إنّنا ولله الحمد لا زِلنا في خيرٍ من الله بديننا وفضلِ الله علينا، لكن
النُّذُر الإلهية مذكِّرةٌ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، وَإِذْ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ
كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7]. فحِفظُ النِّعم وتفادِي
النِّقم لا يكون إلاّ بطاعةِ الله ورسوله، ومَن خالف جَرَت عليه سنَّةُ
الله. وإنَّ ما يُصيب المسلمين اليومَ لهي نذُرٌ إلهيّة لئلاَّ ينسى الناسُ
ربَّهم، ليعودَ الشارِد ويتنبَّه الغافِل ويستغفرَ المذنب.



إنّ المعاصيَ والذنوب سببٌ رئيس للخوفِ والقلَق والمصائِب والفِتن، قال
الله تعالى محذِّرًا مِن مخالفةِ رسوله : فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]. ولمَّا أمر الله تعالى بطاعته وطاعةِ رسوله في
قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال:20]،
قال فيما بعد: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا
مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25]، قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: (أمَر
اللهُ المؤمنين أن لا يقِرُّوا المنكرَ بين أظهرهم، فيعمَّهم العذاب)[3].
ثمّ بعدها امتنَّ الله على المؤمنين بتذكيرهم بما كانوا عليه من خوفٍ ثم
آمنهم في إشارةٍ إلى أنَّ مخالفةَ أمرِ الله ورسوله مُؤذِنة بالفتن والخوفِ
وانعِدام الأمن: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي
الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ
وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ [الأنفال:26].



أيّها المسلمون، طاعةُ الله ورسولِه سبيلٌ للثّبات والنجاة من الأزَمات،
وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ
وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا
عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء:66-68].



إنَّ الأمّةَ اليومَ بحاجةٍ ماسّة إلى مراجعةِ نفسِها والعَودةِ إلى ربِّها
وتركِ المنكراتِ والتعاوُن على البرّ والتقوى، خصوصًا في هذه الظروفِ
الحرجة التي تسلَّط فيها الأعداء على الإسلام والمسلمين وديارهم.



إنَّ المفترَضَ في هذه الأزمات هو الفِرارُ إلى الله والتوبةُ النصوح
والتنادِي بالرجوع إلى الله والالتجاء إليه والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن
المنكر وإسكاتُ دعاةِ الرذيلة وعداة الصلاح. أمّا الغفلةُ والتمادي والنومُ
عن المنادي وإقامةُ الحفلاتِ الماجنات والسَّفرات المشبوهات والإصرارُ على
مخالفة أوامر الله فإنها مَجلَبةُ النقم مُزيلة النّعم، وتعظُم المصيبةُ
إذا كانت الذنوب تُشهَر وتُعرَض ولا تُنكَر، وفي الصحيحين من حديث أبي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((كلُّ أمَّتي مُعافى إلاَّ
المجاهرين))[4].



يجب علينا التمسُّكُ بالسّنة ولو تركها الناس، وأن نُغليَها ولو أرخصوها
وندافعَ عنها ونصبرَ على الأذى في ذلك، فهذا سبيل النبيِّين والصدِّيقين
والشهداء والصّالحين، وهذا هو طريق الأمنِ في الدّنيا والآخرة.



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ
إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال:24].



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بسنّة سيِّد المرسلين، أقول
قولي هذا، وأستغفِر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه
وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.







--------------------------------------------------------------------------------







[1] سنن الترمذي: كتاب الزهد، باب: التوكل على الله (2346)، سنن ابن ماجه:
كتاب الزهد، باب: القناعة (4141) من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي
الله عنه، وأخرجه أيضا البخاري في الأدب المفرد (300)، والحميدي في مسنده
(439)، قال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وله شواهد من حديث أبي الدرداء وابن
عمر وعلي رضي الله عنهم، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2318).



[2] أخرجه الطبري في تفسيره (4/37، 9/220).



[3] أخرجه الطبري في تفسيره (13/474 ـ شاكر ـ) من طريق علي بن أبي طلحة عنه.



[4] صحيح البخاري: كتاب الأدب (6069)، صحيح مسلم: كتاب الزهد (2990).








الخطبة الثانية



الحمدُ لله، يُحمَد بنعمته، وتُنال كرامتُه برحمتِه، وَهُوَ اللَّهُ لا
إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ
الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:70]، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريكَ له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى
آله وصحبه.




وبعد: أيَا عبدَ الله، حاسِب نفسَك قبلَ أن تحاسَب، ولا تنظُر إلى الهالِك
كيفَ هلك، ولكن انظُر إلى الناجي كيف نجا، ولا تمتدَّ بك حبالُ الأمانِي
والغرُور، فالعمُر قصير، والأجَل محدود، والناقِد بصير، وموقفُ العَرض على
الله عَسير، إلاَّ على من يسَّره الله عليه، وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ
رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [الحج:47].



تأمَّل في مَطعَمك ومشربك، وانظر ماذا تَرى وتسمَع وتقول، وماذا تُسِرّ
وتعلن, ولئن خَفِيت منك اليومَ خافية فهناك في أرض المحشَر يُكشَف الغطاءُ
وتتكلَّم الجوارح، لقد جاءتك مِن ربِّك النذُر، فمن تذكَّر فإنما يتذكَّر
لنفسه، وصدق الله: لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى
الْكَافِرِينَ [يس:70]. والتَّائبُ من الذنب كمن لا ذنبَ له، والله يعفو
ويصفَح.



أيّها المسلمون، ووقفةٌ أخيرةٌ قبلَ الختام والتفاتَة يسيرةٌ إلى الأمنِ
والأمان، فإذا كان الأمنُ من الله مِنَّة والاستقرارُ رحمةً ونعمة والرزق
لهما تابِع وللنّاس فيهما منافِع، فكيف يكون جُرمُ من أخلَّ بهما وحمَلَ
السلاح بينَ ظهراني المسلمين، وتربَّص بالشرّ الآمنين. لقد أنكَر النبيّ
على من أخفى سُوطَ أخيهِ يريد ممازحتَه حمايةً لصاحب السَّوط أن يقلقَ أو
يهتمّ أو يصيبه الغمّ، فأين العابثون بالأمنِ عن هذا الذَّوقِ النبويّ
والإرشاد المحمَّديّ وهم قد حَمَلوا السلاحَ وحصدوا الأرواحَ وقد بانت
معالمُ الرشادِ واتَّضح الحقُّ والصواب؟!



ألا فدعوةٌ لهم مِن منبرٍ دعَا عندَه إبراهيم الخليل عليه السلام ربَّه
بالأمنِ لهذه الديار، دعوةٌ لهم أن يثيبوا لرُشدهم، وأبوابُ السماءِ لهم
بالتَّوبة مفتوحة، ومِنَّة العفو في الأرض ممَّن له الأمر مَمَنوحَة، فلم
يبقَ إلا عَزْمةٌ من عَزَماتِ الإيمان يقهَرون بها تردُّد نفوسِهم وتأخُّر
خطواتهم، يلمُّ بها الشملَ ويغيظ بها الأعادي، عسى أن يحمَدوا العاقبةَ
بعدها.



هذا وصلُّوا وسلِّموا على الرحمةِ المهداة والنّعمة المسداة محمَّد بن عبد الله.



اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله الطاهرين
وصحابته الميامين وأزواجه أمَّهات المؤمنين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين.



اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشّرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين







الخطبة الأولى



أما بعد: فيا أيها المؤمنون، إن المعاصيَ التي يقترفها الناس آناء الليل
وأطراف النهار لها آثار مدمرة على الفرد والمجتمع والحياة كلها، وذلك أنّ
قوام الحياة وصلاحها إنما هو في الطاعة والاستقامة على أمر الله والتقيد
بشرعه الحنيف، وكلّ انحراف عن أمره، وكل اتباع لنزغات الشيطان, وكل تفلُّت
من دينه إنما هو ركض وراء السراب، وضرب في تيه الشقاء، ولا بد أن يلمس
الإنسان آثارها النكرة في نفسه وحياته ثم في أخراه يوم لقاء ربه.




والمقصود من الحديث عن آثار المعاصي هو التحذير من مغبة الاسترسال فيها
وإطلاق العنان للخوض في حدود الله، وهو من باب قول القائل قديماً:


عرفــتُ الشـر لا للشـر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشرّ من الخير يقـع فيـه



أيها المؤمنون الكرام، هذه بعض تلك الثمار المرة التي يجنيها العصاة الآثمون من وراء المعاصي.



أولاً: نسيان العلم وذهاب الحفظ، ويا لها من عقوبة ما أقساها على أهل العلم
وطلبته، وذلك أن العلم نور يقذفه الله في القلوب العامرة بطاعته المنيبة
إليه سبحانه، والمعصية ظلمة قد علاها قُتار الشهوات الهوجاء، وأنّى للنور
أن يأنس بالظلام؟!



ولذلك روي أن الإمام الشافعي رحمه الله لما جلس بين يدي إمام دار الهجرة
الإمام مالك رحمه الله ورأى عليه مخايل النجابة والذكاء بادية، وأعجبه
وفورُ عقله وكمال حفظه قال له ناصحا: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً
فلا تطفئه بظلمة المعصية.



والشافعي رحمه الله هو القائل في الأبيات التي سارت بين طلبة العلم مسير الشمس:



شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي



وقـال اعلم بـأن العلـم نورٌ ونور الله لا يهدى لعاصـي



وقد يتساءل إنسان فيقول: إن فلاناً من الناس قد أُعطيَ حفظا واستحضاراً على فجوره الذي عُرف به في الناس فكيف ذلك؟!



فنقول: اقرأ كتابَ الله تعالى تجد الجواب واضحاً، يقول الله عز وجل:
وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِى ءاتَيْنَـٰهُ ءايَـٰتِنَا فَٱنْسَلَخَ
مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ وَلَوْ
شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأرْضِ
وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ
يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث [الأعراف:175، 176].



يقول الإمام ابن القيم رحمه الله معلقاً: "ففي الآية دليل على أنه ليس كل
من آتاه الله العلم فقد رفعه به، إنما الرفعة بالعلم درجة فوق مجرد
إتيانه".



كم من فاجر كان حظه من العلم قيل وقالوا، ليكون ذلك حجةً عليه عند الله، دون حقيقة العلم التي تورث الخشية والإنابة.



فيا معشر طلبة العلم، لنتقِ الله في أعز أيام العمر التي صُرفت في الحفظ
والركض وراء عرائس العلم، أن تذهب بها غوائل المعاصي الجامحة، واعلموا ـ
رحمكم الله ـ أن سوط العقاب بالمرصاد.



ثانياً: ومن أعظم آثار المعاصي وأخطرها على العبد الوحشةُ التي تحدثها
المعاصي بين العبد وربه، واستثقال الطاعات، واستمراء الفواحش، واعتيادٍ
لها، ويا لها من سكرة ما أشد عماها على القلب إن لم يُمدّ صاحبها بنفحة من
نفحات الرحمة والهداية، فإنه واقع في حُفرة من حفر الشقاء والعذاب الواصِب
لا محالة.



أيها المؤمنون، إن حياة المرء الحقيقية إنما هي حياة الطاعة، وشعور العبد
أنه خلع عنه ربقة العبودية للخلق، وآوى إلى ظلال العبودية الحقة التي ترفعه
عن الطين وجواذبه، ليحط رحال القلب في ساحات العبودية لله رب العالمين.
ولهذا جعل الله الكافر ميتاً غير حي فقال: أَمْوٰتٌ غَيْرُ أَحْيَاء
[النحل:21]، وتأملوا بالمقابل في قول بعض الصالحين المخبتين الذين وجدوا
برد الطاعة والإنابة إذ يقول: "إنه لتمرّ بالقلب لحظات أقول فيها: إن كان
أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي خير عظيم". إنّ في الدنيا جنة لا يدخل جنة
الآخرة من لم يدخلها، إنها جنة الطاعة والعبودية التي يُحرم منها العصاة
الفجرة.



ثالثاً: من آثار المعاصي النكرة الحيرة والشقاء وتمزّق القلب في شعاب
الدنيا، واللهث وراء السراب، واتباع الشياطين المتربصة على أفواه السبل
المنحرفة عن السبيل الحق.



روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا
رسول الله خطا مستقيما في الأرض ثم خطَّ خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال:
((هذا سبيل الله، وهذه السبل، وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليها))، ثم
قرأ: وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ
تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ الآية
[الأنعام:153].



وذلك أن الله تعالى هو المتفرد بالهداية وحده، مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ
ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّا مُّرْشِدًا
[الكهف:17]، وكل انحراف عن منهجه سبحانه الذي وضعه طريقاً للهداية إنما هو
خبط في بيداء التيه، وجنيٌ للشقاء المر الذي هوت فيه الشعوب الكافرة التي
ولّت ظهرها للحق المنزّل.



يقول العلماء: إن هناك أربعة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح على الإنسان بمقتضى
فطرته وهي: من أين جئت؟ وإلى أين المصير؟ ولماذا؟ وكيف؟ وكل خلل في الإجابة
عن واحد من هذه الأسئلة الخالدة يعني الشقاء والدمار في حياة الإنسان، ولا
وجود للإجابات الصحيحة إلا في الدين الحق.



وإن نظرةً واحدة على واقع الغرب الكافر وما يعيشه من ضياع فكري وتفسّخ
أخلاقي، بل ونزول بالإنسان إلى دركات الحيوانية الهابطة تنبئك بالحقيقة،
لأن بعض فلاسفتهم المشهورين أطلق مقولته الفاجرة: أنْ لا هدف ولا غاية من
وجود الإنسان، فظهرت في أوربا جماعات تسمى بالخنافس تتسافد في الطرقات
تسافد الحمر، وتعيش عيشة البهائم البكماء، وصدق الله العظيم إذ يقول:
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ
يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ الآية [طه:124].



رابعاً: ومنها تسليط الأعداء وذهاب القوة ونزع الهيبة من قلوب الأعداء.



روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر أن النبي قال: ((بعثت
بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل
رمحي، وجعل الذلة من الصغار على من خالف أمري, من تشبه بقوم فهو منهم)).



أيها المؤمنون، إن صحائف التاريخ خير شاهد على عجيب تأثير المعاصي في
الأمم، لقد كانت أمة الإسلام في سالف دهرها أمة موفورة الكرامة، عزيزة
الجانب، مرهوبة القوة، عظيمة الشوكة، لكنها أضاعت أمر الله، وأقْصت شريعته
من حياتها، وراجت أسواق الشرك في أصقاع كثيرة في العالم الإسلامي ـ وهذه
الأمة أمة التوحيد ـ فصار أمرها إلى إدبار وعزها إلى ذل، وجثم على صدرها
ليل طويل من الاستعمار الكافر، ولولا أنها الأمة الخاتمة لأصبحت تاريخاً
دابراً تحكيه الأجيال. وليس الذي حل بنا ويحل ظلماً من ربنا، كلا وحاشا،
فهو القائل في الحديث القدسي الصحيح: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا))، وإنما هي السنن الربانية النافذة التي
لا تحابي أحداً، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ
يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ
يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ
مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الأنفال:53].



روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ثوبان مرفوعاً: ((يوشك أن تداعى عليكم
الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها))، قلنا: يا رسول الله، أمن
قلة منا يومئذٍ؟ قال: ((أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع
المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن))، قالوا: وما الوهن؟ قال:
((حب الدنيا وكراهة الموت)).



إننا ـ معاشر المسلمين ـ اليوم نئن تحت وطأة الذلّ المسلّط علينا، وكثير من
المسلمين لا يزالون غافلين عن سبب البلاء الذي بيّنه رسولنا في غير ما
حديث صحيح، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: ((إذا
ضنَّ الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر،
وتركوا الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليهم ذلاً لا يرفعه حتى يراجعوا
دينهم)) رواه أبو داود وأحمد.



ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إننا كنا قوماً أذلة
فأعزنا الله بهذا الدين، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله).



من هنا ـ أيها المؤمنون ـ كانت البداية، ومن هنا يكون البدء، ومن تركِنا
لديننا كانت بدايةُ رحلة الذلِّ والضياع في تاريخ أمة الإسلام، ومن الرجوع
إلى ديننا وتوبتنا إلى ربنا يكون البدء إذا أردنا العودة إلى العزة القعساء
والشرف المفقود.



إن كلَّ تائب منّا من معاصيه عليه أن يعلم أنه يكتب بذلك سطراً في سِفْر مجد أمة التوحيد.



خامساً: ومن شؤم المعاصي ـ معاشر الإخوة الكرام ـ ظهور الأوجاع الفتاكة وارتفاع البركة من الأقوات والأرزاق.



عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا
معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت
الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن
في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين
وشدة المؤونة وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من
السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط
الله عليهم عدوا فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تعمل أئمتهم بكتاب الله
ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم)) رواه ابن ماجه وهو
صحيح. [السلسلة الصحيحة (106)].



معاشر المؤمنين، هذه بعض آثار المعاصي المدمرة، وهذه بعض ثمارها النكدة،
فهل من مشمِّر تائب منيب، قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ
أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ
ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ [الزمر:53].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسلام

اسلام


انثى
عدد المساهمات : 259
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 26/03/2010
الموقع : بلبيس شرقية

آثار الذنوب من موقع المنبر Empty
مُساهمةموضوع: رد: آثار الذنوب من موقع المنبر   آثار الذنوب من موقع المنبر Icon_minitime1الجمعة فبراير 03, 2012 12:22 am

ياريت تغيري صورتك لز ثسمحى مع قبول اعتذارى

آثار الذنوب من موقع المنبر Gzak
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آثار الذنوب من موقع المنبر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطب عن آثار الذنوب من موقع المنبر
» خطب عن آثار الذنوب من موقع المنبر
» خطبة عن آثار الذنوب من موقع المنبر
» عن آثار الذنوب
» آثار الذنوب على الأفراد و الشعوب لشيخ عبد الهادي بن حسن وهبي قناة الاثر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الاستاذ رجب ابو الدهب :: منبر الجمعة-
انتقل الى: